حَلمَ حُلماً كبيرا
ولمَّا لمْ يتحقق، حَلِمَ حلماً أصغرَ منه
ولمَّا لمْ يتحقق
حلم حلماً أصغر أيضا
ولمَّا لمْ يتحقق
قال لي
سأحلم باللاشيء لعلَّه يتحقق.
2
في الطريق إلى بيتها سقطت من جيبه حصاةَ حلم ٍكانت قد ذُيِّلت بالتوقيع الآتي:
كيفَ وأنتِ بكلِّ هذا النعاس تستطيعين رميَ حصان
ي؟؟؟؟؟؟
كنت أسيرُ خلفه ،فضولي حيرني، مالي وللساقطين من الجيوب ،قلت
حملت الحصاة وألقيتها في بركة شاسعة واسعة تسبح فيها أسماك وكائنات لاتعرف غير الحب
أصدرتِ الحصاةُ دوائرَ الماءِ كعكة كعكة وقفت ألتقطها شاهدت في الطرف الآخر البعيد من البركة مترامية الأطراف تلك سمكة ضخمة تشبه طائر الخيال المعلق على جدار ممتد من بداية الحياة إلى نهاية الأزل سمكة كمثل طائر خيالي!!!!!!!سألت الكعكة المائية التي ارتسمت كمحبس عاشق على معصم روحي؟لم تتمكن من الإجابة تلك الكعكة الرقيقة ال
قبل أن يصل الطائر السمكة
ويبتلع الحصاة ويغطس في عمق ماء الأزلية قلت لابن صديقة أبي منااااااااديا توقف لم يلتفت إلي ...............................الطائر غاب تماما الكلمات على الحصاة مازالت تطرق أزهار عيوني
كيف وأنت بكل هذا النعاس....تستطيعين رمي حصان
ي أحلام ابن صديقة أبي
3
صرختُ صرخةً تداعت لها شجرة ُحور جديرة بالحزن ، كان عاشق حفر بالمشرط على جلدها حرفين توسطتهما إشارة( + )،أيتها السمكة العجوز أرجعي حصاة الكلمات ،دنت الحورة بغصن شديد الرقة من الطرف الأيسر ل
ي وأنشدت
على جدار حقيقتي حرفان محفوران بالحديد
إن كان
ك من زهور
ردني عذراء كي تعود السمكة
ثم ارتفع الغصن، شاهدت في الجهة الخلفية ل
ي نداءً موغلا بالحنين لما قالته الحورة، سحبت إسوارة ماء كانت ما تزال عالقة على شفة البحيرة ،وبالأزرق كتبت عليها تلك الرسالة وأرسلتها خلف ابن صديقة أبي ..
..زوبعة حمراء دارت داخل البحيرة ،غرفة عشاق تبدت هناك ،رجل يحفر على ناقوس اسم حبيبته ،إمرأة تسقي سبعين شتلة من الزنبق البلدي ،عصفوران يتبادلان بمنقاريهما كلمات أشبه بالقبل،عجوزان يقربان المقاعد بينهما بخفر ،والذي أحرق ريح السلام في
ي لم يكن ذاك الشاب الوحيد الجالس على حافة المشهد مطرقا وشاردا وحزينا ،،وإنما تلك المرآة ذات التعرجات والإنكسارات التي تعكس وجوه جميع من رأيت على صفحة ماء البحيرة ،صرخت صرختي تلك مرة أخرى،فانحنى مجددا جزع الحورة الرشيق وهمس في الجهة اليسرى من
ي : المرآة هذه ليست قاطرة كما ترى
إنها لو شئت غرفة تصنع فيها الحلوى، وإن رغبت فهي قشرة برتقالة، أما أنا فلو لمستها حولتها لك حوتا..يمكنك من الجري وراء سمكة الحزن تلك التي تقصدها ،قلت له بذات الجهة من
ي..أو أقدر على الإمساك بها واستخراج الكلمات من جوفها؟؟أطرق ..أطرق...أطرق..
(4)
الغصن الذي كان يميل كيفما يشاء ،الشجرة التي تحمل كل هذه الحقيقة ،ال
الذي يملك أن يصرخ مرات ومرات من أجل أن تعود تلك الكلمات ،وجميع المكان...المياه ...الحصى...غصن الشجرة ..وآثار سير ابن صديقة أبي ،جميعهم عبروا مرارا وهو مطرق ،ذهبت لشأني ..قلت ماحاجتي بالذين يتساقطون من الجيوب..والغصن مطرق.. وثَبَتْ للتو سلحفاة من خلف ظهري..كان سيرها أسرع من البرق، قوقعتها تلك كانت تشبه نصف الكرة الأرضية...جيدها الذي يحمل رأسها يدخل مع الأقدام سريعا داخل القوقعة، كان كأنه مثقب من جهتين ،،ويدور كحدقة نسر الهواء الذي طار من خلف أذني أثناء عبورها كان رهيبا...وشحتني برمال ورمال ورمال ..إلى أن غصت في قاع غبار السلحفاة تللك..كان الأمر أغرب مما تصفه كلمة، وأقبح من موت تحت جيفة جحش نافق منذ ربيع بالكاد انتهى،
والمدهش أكثر ، أنني تسللت إلى عمق لم أكن أعرفه قط،سراديب تحت الغبار..أدراج من ريش ضفادع ،فتية ونسوة وفتيات،ليس ثمة من كهل واحد خلف هذه الأرض،ولا عجوز..مئات الألوف يقتاتون أوراق رقيقات زكية. يوشحهم عطر ملائكي..الموسيقى التي تعزف لهم...لا أملك لجمالها أي وصف ، لا أنا ولا أي شاعر ولا كاتب ولا رسام ولا حتى سفاح*موسيقى لها طعم ينزلق من الأذن إلى أعماق الروح ،لذيذ كعناق حبيبة،وممتع كما لو بعد شوق شممت رائحة تراب وطنك،موسيقى لاقرنفل فيها ولايانسون،،وإنما قطعان من وميض برق كسحب الياسمين تمتد من أعالي السماء ،إلى أدنى حجر في الشام العتيقة،،،أي موسيقى تلك،،لانبيذ يشبهها ولا رقص الحبيب على الزهور ولا قوافل من قبل...
أي موسيقى تلك التي تعزف لهؤلاء القوم..
بت لا أعرف كم من الوقت انقضى وأنا أنظر إلى هؤلاء،،،لعلهم أهل الجنة،لكن ما شأني أنا بالسلحفاة ،وبالرمال وبهذه السراديب،،
أمي مازالت تنتظر أن أرجع إليها باللبن،منذ الصباح أرسلتني ، ذهب وقت المدرسة، قبضت الشمس على الكتف الأيسر للسماء،وهاقد عض الليل خدها الأيمن ******وأنا لم أحضر اللبن، ولم أذهب إلى المدرسة،،ولن أقدر على الخروج من سوسن هذ ه الموسيقى ،ثم ماتلك الرمال كلها فوق رأسي،،سأغفو هنا ،،وغدا قد أملك زورقا أجرف به ظلمة هذا الليل وأترك للعشاق أن يأنسوا بالموسيقى،أرسلت جفني إلى الجهة المقابلة،،فشاهدت طرف الطائر الخرافي...صرخت في طرفه صرخة نفضت كل غبار المكان من حولي ونظرت إليه......
5))
بالصرخة تلك،سقطت سمكة الخرافة،وبالصوت المعجون باللهفة سحبت من جوفها الحصاة،قرأت ماكتب عليها مجددا،فاغرورقت بدمع الشوق عيناي،ركبت حصان
ي وصعدت ظهر السمكة،مشيت وأنا أتلو على الفضاء هذه القصيدة،
(صمتٌ يعرِّشُ قربَ ناياتِ الغريبِ ويغرفُ
من جنب حزن الآه في جورية نبتت على آلامه سورا ينزُّ ويرجفُ
قلقٌ هناك من البعاد ومن أواني الروح
ا يقطفُ
ماذا عساك ترد لو خانتك في كلماتها وحصاة عمرك تنزفُ.)
ذابت تحت أقدام الحصان السمكة وذبلت جميع حراشفها،نزلت عن الحصان وأصغيت لتلك الضربة القارسة الآتية من أقدامه الأربعة وتلفتت من جديد لأرى اقتراب شرخ على الجانب الأيمن من
ة المساء ،دنوت قليلا من الشرخ ..جذبني ...اقتربت والرهبة تصفع أعضائي...فجذبني أكثر وأكثر إلى أن وقفت على طرفه، ورفعت الطرف بيدي لأرى ماذا يخفي تحته ...شاهدت حينها
(6)
كيف إلى نصفين قد انشطرت الروح،بيضاء لا يمسسها ألم ولا تختلج الجراحات في أجفان غفوتها
وسوداء سوداء داكنة ،من مسها برفق،غرزت في رفقه مسلة تعلقها،ومن مسها بقسوة،دقت على أجفان عينيه فتيلا من نحاس مشتعل،قلمت أظافر سوادها بدالية عنب ، ثمارها حمراء كالنار،أغصانها سوداء كفحم لا يصلح للرماد ،
ت نعل الأرض...ورحت أنظر بالمسامير التي ثبت بها،وجدت وجه ابن صديقة أبي،كان ينزف مثل
عرق السوس المنحل بالماء..سائلا إلى كل ،الجهات وفيها،رفعت رأسه..فاهتزت قوارير كثيرة امتلأت بنبيذ
غير مألوف،شيء من الرهبة شق طريقه إلى عروق دماغي،ومن جديد أعدت النعل إلى ما كان عليه..ورحت
أمشي فوق جسد السمكة بحصان
ي،لكنه كانت قد أتعبته المشاهدات ...فأوقفني وقال لي:
(7)
بالأمس كان الليل يسكن نجم جارتنا،سحبت له حبلا ومددته طويلا طويلا،قلت له أن يتدلى به ويقترب قليلا أريد أن أهمس في أذنك،لم يستجب،أعدت الكلام عليه..ضحك كثيرا ورمى بالحبل بعيدا بعيد ا بعيدا ،صرخت على الحبل،لم يستجب أيضا،أخفضت رأسي وأطرقتُ طويلا..الرمال التي تحت وسادة طريقي حزنَت،برقت فيها دمعتان ،تحولتا إلى نجمين وطارا باتجاه شباك جارتي،أحضرا الحبل، وبلمسة ساحر عاشق كملاك حولاه إلى قرنفلة حمراء فتية كسنونوة صباح
لكنها حمراء،أخذت الدهشة تلفني،يا الله،سنونوة حمراء!!،أخرجت جارتي رأسها وفكت عن خصلة شعرها نجمة مثل تلك التي في السماء،واصطادت بها السنونوة،حزنت مجددا،لكنها ابتسمت،قبلت السنونوة..وأطلقتها إلى الحبال الطائرة ،فأخذت الحبال شكل
أحمر ينبض،رقصت من الفرح،رقصت أصابع عمري ،غنيت بصوت ناي حزين وعاشق،لم تقترب النجمة،غنيت بصوت كنار حزين،لم تقترب القرنفلة
غنيت بصوت فيروز،فتوقف الجميع وأصغت السماء والأرض،دهشت لهذا السكون رفعت رأسي فشاهدت السمكة الخرافية التي ابتلعت الحصاة ترقص،ورأيت ابن صديقة أبي أيضا يرقص،ورأيت السنونوة الحمراء تقترب من شباك جارتي تهمس في أذنها وتجيء نحو شفاهي.
8
كانت الرسالة تبرق البرق ذاك !!! عادة البرق أن يشع بياضا فيخطف الأبصار،،أما برق تلك النجمة التي فكتها جارتي وأرسلتها لتحضر النجوم بالحبال التي ارتسمت على شكل
، ،ثم بالسنونوة التي قبَّلتها وأطلقتها باتجاهي،كان برقا أحمرا قانيا، قلت في
ي ، مالي وما للأحمر، وواظبت على ترتيل أغنيتي،،فيروز ترافق الليل لدي، وعند جميع من أعرفهم ، لفيروز الصباح،كيف ان
الليل صباحا، ثم كيف صار لون البرق بكل هذه الحمرة؟؟؟؟؟قبل أن أجيب عن هذا التساؤل الفذ، وقفت على شفتيَّ تلك السنونوة ،وزرعت أحد عشر قمرا صغيرا فوقهما ، في جيب كل قمر كانت توجد رسالة، شعرت وأنا أصاب بكل هذه الأقمار ، وكل هذه الرسائل،
أن السماء قد خلعت قميصها الشفاف وبدت عارية تماما!!
هل شاهد أحدكم السماء عارية قط؟؟؟
هل شاهد جسدها ؟؟
هل أبصر بكل عيونه ما تحت هذا الغطاء الذي يغلف فتنتها؟؟
كانت ثماني ورقات قد لفت على بعضها بعضا داخل رسائل أقمار سنونوة جارتي،الأولى رسم عليها طرف غصن زيتون،هذه كنت قد أوقفتها على ناصية
ي اليمنى،والثانية فردتها فوجدت في تجاعيدها صورة عاشق عتيق عتيق عتيق عتيق..لكنه حي،عاشق يصل هواه أبعد بكثير من مسافة ما يمكن أن أشاهده بعيوني هذه ،
اضطرني هذا العاشق لأن أخرج طقما جديدا لم أستعمله قط في حياتي،طقم عيون مختلف عن هذا الذي نبصر ونعرف من خلاله الأشياء نحن البشر،كان هذا الطقم أرق من أن يحمله جسد ، وأكثر أثيرية من هواء على رأس قمة جبل صبغت بالثلج مدى الحياة،،وتملك قدرة بصرية أعمق من قدرة الروح على التخلي عن مواجعها.
ثبتُّ عيوني الجديدات داخل قفص الروح ،ونظرت بهما إلى هذا العاشق،فأسرني..
وأخذني إلى السماء الثالثة وهناك ،ودون أن ينطق بكلمة واحدة...رمى بي ..،وتركني معلقا على قوس من غبار لالون له ولا رائحة،لكن جسده المسجى على أوتار الموسيقى،كان أجمل من ريشة طاووس،وأكثر دفئا من حضن حبيبة،وأعمق صخبا من صبي في الرابعة من عمره وقد اشترى للتو لعبة (سوني) الشهيرة،تأملت ذاك القوس وشددت وتره..شددته ...شددته..شددته حتى بلغ قبل أن ينقطع ببرهة .
9
على الطرس المسجى فوق فراش ليلة ذاك اليوم ،حينما بالحصاة الساقطة من جيبه ذهب بي إلى أحلامه،كتبت:ليلة هذا اليوم ..كانت قارسة، لكن صباحه كان جميلا...بينهما ..شمس ظهيرة سوداء...على الحواف قنافذ..وجنادب ..حشرات وقوارض.في صدر السماء مثلما لو فتيل ينوح على شمعة كونية كبيرة..نواحه مثل دخان احتراق سماء بغداد حينما كانت وحوش الجو تقضم قلوب عشاقها كلّ الفتنة التي سحرت قميص صباحي ...ياسمينها ..فلسفة انتظاري تلك على موقف الباص ،ريثما تعبر سيارة المدرسة، لأصعد وأشاهد سوسن من النافذة الخلفية لذاكرتي...جميع فرص القول والصمت...ما علق ب
ي وما تساقط عن أغصان حنيني...أشياء قالها لي ابن صديقة أبي ..دفعة واحدة.
دفعتُ بجسد رشيق يحتملني...نحوه *الجسد وعاء الروح ..قال أبي مرة في كلام يهمس به في أذن صديقته...تبسمت بسمة غاية في العذوبة..وأجابته،والروح سر الله،مستغرقا في نوم عميق عميق عميق..ألفيته على كتف صفصافة موغلة في القدم ..،المغرب رسم حمرته على شفاه شبابيك الشام..
.في الوقت الذي يتمشى به المغرب بين أزقتها..،تتصاعد أنفاس دافئة من حجارة أسوارها..
وتحوم الصبايا حول كأس العشق الممتلئ برذاذ الذهاب والإياب ذاك...،ويتكاثر المتسكعون والمريدون ومحبو السير خلف بناطيل الجنز ،كذلك يسرح العشاق كلٌّ على مذهبه في الهوى .تحت إلحاح صرخاتي المتواصلة ...فزعت أسراب العصافير الهائلة العائدة من حياة نهارها..
أسراب تزقزق كما لو كتائب متراصة تنشد نشيدا وطنيا بأصوات متفاوته....
دائما يخامرني سؤال لا إجابة لدي عليه ترى ما لحديث الصاخب الذي تتبادله هذه الكائنات الطائرة بكل هذه الجدية والجرأة والتكرار...يوميا حينما يرخي المغرب ستارته ،ويأخذ النهار بتحضير وسادة النوم...تجن العصافير على الأشجار بأحاديث غزيرة وغير مفهومة...المهم صرخت بأصواتي جميعا عليه عله يستيقظ
لم يفعل
دحرجت كرة الزجاج التي تمتلئ بأحلامه من تحت رأسه،وبالسوط ضربتها على مؤخرتها..وصرخت
لم يستيقظ،رجوته بكل كلمات المحبين...بالآيات...بالعذابات...بدموع الغرباء...بلوعة طفل سرقت ألعابه...غنيت له كلمات جبران ***لم يستيقظ**قرأت له الإلياذة..وتغريبة بني هلال...سردت عليه قصص عن يأ جوج ومأجوج..ورويت قصة النملة مع سليمان النبي.لم يستيقظ
أعدت الزجاجة الكرة إلى مكانها،وسادته كانت..ومشيت إلى الحديقة المطلة على متحف سوريا الوطني بدمشق...غابة هذه الحديقة أيضا مليئة بالعصافير،وضعت فخذا على فخذ ..وقلت للنادل أن يسعفني بساخن الشاي الهارب من البيوت إلى الحدائق..من النظافة..،لاتحب الكاسات تلك الطريقة في الجلي ..فتفر إلى الحدائق العامة..عيني سقطت على حجر قديم ناعم وقوي واقف في المتحف أسمر سحرني
نهضت،قاربته ...رأيت في يده شيئا غريبا...همست في روح مترجم المتحف ..قلت له...هل هذا يشبهني،دندن الرجل بكلمات ...تحولت إلى غصن ياسمين،اشتد بياض الغصن وسال وصار يتصاعد كسحاب...أصغيت،تكاثف السحاب،أصغيت بكل عروق روحي...ووعائها معا...صار السحاب يرفعني
ي ارتعد خشية السقوط،اصطدم بالسحب ..فأبرق وأبرقت،مطر غزير تساقط،حمَّم الشام وماحولها...غرقت الأزقة...الرجل يدندن..الأزقة تسرح فيها المياه...السحب تغطي السماء...عند تدمر انهمر مطر كثيف.
..في معلولا ..سالت الأودية ...في حلب زهرت الشوارع...في اللاذقية
المياه تقبل البحر..في حماة وطرطوس ومرمريتا ووادي العيون والغاب وسلمية وبقاع الجمال كلها هناك دلفت نرجسات من زهور الجنة.في حمص يلتحم الصنوبر باللوز بالرياح بالصبايا
في درعا الزيتون يغرد،في السويداء الحجارة توشحت ببياض الخدود...في حران العواميد وبرزة وتل منين والغوطتين وماحولهما...المزامير تغني...والمياه تطهر القلوب.
وقفت في ببيلا على باب المدرسة بعد أن قال لي مترجم المتحف أن أبي وصديقته لهما جدٌ هنا في المتحف..على باب المدرسة التي درجتُ فيها صفنت..هاهنا كنت أقدم لمعلمة الرسم باقة ال
الذي تحب..
.هنا كنت ألعب كرة الطاولة..
من على هذه النافذة كنت أراقب طالبات الإعدادية وهن يتهامسن ويسلبن لباب الفتية
هذا المقعد كسره ماجد الناشف**هذه الطاولة خلع رجلها فتاح عاشور***تلك السبورة رمى عليها الحجر تحسين الشوا*أحمد عريشة يعرف متى يتحدث مع المدرسة**أحمد الكردي يجيد حوار أستاذ العلوم والتشريح**عماد يونس يغري المدير بأن يجعله عريفا دائما...عدنان الكحيل يحب الملاحة، محمد الطويل ابن الشيخ ويأخذ مني المصروف يوميا..،يسلبه مني...مات رحمه الله...محمد خير شبعانية يختلف مع الزعران، أحمد حامد ، وأيمن زيدان**أندريه سكاف **عبدالله عيسى..هشام الطويل ، هشام أبو الهوى ، محمد سليمان الأحمد...نادرشومان..ناصر صادقة، علي حمّود..سوسن أبو عفار..نبيلة الكوسا (هذه صارت زوجتي فيما بعد).ومحمود السرساوي...كريم راشد ،وأكرم الحلبي..بسام كوسا، وعباس النوري...عامر فهد ، عبد القادر الحصني ، سماح وسوزان،ربا،ومنال الحمصية،وأسماء أسماء أسماء منهم من عرفته كبيرا ومنهم من كان معي في المدرسة..إبراهيم صادقة يملك حكمة طالب جيد التدقيق***وأنا أحب الشرود خلف أغنيات سوسن..
هذه البلاد بلادي،
قال حارس المتحف،فوقفت وتوقفت الأمطار،اقتربت من صديقة أبي**كانت مغمضة العينين لكن جفونها ليست مطبقة تماما...يقولون عندنا لمن يغمض هكذا(نومه غزلاني) همست في أذن نومتها ...جئتك...أنا محمد...وأبي غاب طويلا ألم ترينه،لم تفتح جفن غفوتها الساحر ...إنها جميلة بما لا أقدر على وصفه**تركتُ قميصَ نومها معلقاً على الصفصافة تلك...وذهبت إلى ابنها مازال نائما،
ألم تستيقظ،لم يجب..أيها المتعب الذي خرق معطف اطمئناني...وسرق بعربة أمه الجميلة تلك ،دفء فراش أمي...لماذا لاتقوم....هيا ا،لم يفتح عينيه،ولم يحترم حزني،ناديته مرارا،لم يستجب،فأفقت أنا...كانت الليلة قرب رأس السنة...وجميع من أحببت من الصبايا كنَّ قد قطفن زهورا لعشاقهم،وأنا على شرفتي هذه ..كأن لاحبيبة لي،حزنت...بحثت عن الحصاة فوجدتها في فم السمكة...مددت ذراع ليلة الميلاد في جوفها وسحبتها ...فركتها جيدا وقرأت ما كتبه أبي لأمه،قال لها:
(ماذا لو دخلت السماء جميعها جيب نجمة واحدة)،
لم أفهم ماقاله أبي،ذهبت مجددا إلى ابنها،فوجدته قد رحل،نفضتُ الغبار عن كتفي فتساقطت عشرة ألاف سنة بلمسة واحدة رصفتهم ولمَّعت بهم حجارة السور وكتبت..
(قدماك من سورٍ عتيقٍ مثل حزني
ترسمان على الحجارة بالندى
عشب الزمان ولاتسيران)
ثم فتحت النافذة**فوجدت هذه الورقة،وقد كتب عليها:.........
>>>>>>>>