الخوف "" قصة قصيرة بقمة الروعة""

الخوف "" قصة قصيرة بقمة الروعة""

المرأة مريضة ..إنها في اللحظات الأخيرة لكن وجهها لسبب ما يبدو متألقاً بانفعالات كثيرة ,.
كانت الطفلة التي في الرابعة تقف علي تلة ترابية نبت فيها البقل تراقب مع خالتها, قطة بيضاء تمر بخفة من أسفل الشتلات ويرتفع إصبعها ماخوذاً كما إرتفع في المرة فتلفت إنتباه خالتها وتحتضنها خالتها منفعلة بدهشتها الأولي..
وتارة كأنها في السابعة تشد شعر فتاة أكبر منها في شجار عارم فيما تهلل لها النسوة من حولها مشجعات وهي بين الفخر والثقة والعيون المتابعة مليئة بكل ما يعزز الذات..
..... وكأنها عادت إلي صباها قد إمتلأ ثدياها للتو تتذرع بملء الجرة تسندها علي خصرها وفي جيب الثوب منديل المعجب الأول قد إنعقد علي "الملبس" إنها تخبئ سرها بقدر ما تفضحه فعلي مقربة في ساحة الجامع المجاورة للنبع يرمقها الشاب بعين الصقر يقف بين شبان متغاضين وقد يلقي بمنديل أخر ينعقد علي ما هو أتــ..
وتارة كأنها تفرح للمطرٍ فيضحك لها بأن يزداد ويلصق بها الثوب السميك فتهرول لتعبر الأزقة الزلقة كغزال يتقافز علي عقبيه وتقع ويصبح ركضها _أول وقوعها _ مثلاً للعابرين..
ورفيقات الصبات يردن في البصر كالثياب تلوح علي الحبل بفعل الريح فتخطر الوجوه وتغيب ما بين الحصاد والعصر والتجفيف .. ما بين الحناء والكحل والرقص..

وإنها لتضرب بالفأس الصغيرة حتي تحني الظهر, تري الدود الحيّ يتقطع بتقلب التربة , ويتبع الحقل حقل أخر وأرطال الطحين والقليل من القروش..إنما مع الكثير من كلمات الثناء..
وكأنما تبدل الزوج بالزوج كي ما فينبثق المولود تلو المولود ويكبر في غمضة عين ويرحل في اخري وفي الثالثة _ بعد عقود_ قد يعود.. أو لا يعود.. لقد بذرتهم في أرض واسعة وما عاد ممكناً جمعهم!
وإنها في البرد يسري فيها كالسم لأكثر ظمأ .. فتطلب أن تشرب..
ويحضر لها إبن الأخت المتواجد الكوب ويسندها.. لقد سبقتها أختها لكن ليس قبل أن تزرع فيه ملامحها ونمت قد تطابق صحن الوجه مع الصحن والحاجب مع الحاجب.. ولون العينين وتقليبة الشفة. وما عاد الماء ينساب في المرئ كما كان فيتوقف ثم يرجع إلي أعلي ( بعد سد ألم أو إختناق) من ثم تسيل من شفتيها..
ومعجبها القديم قاعد مع النسوة قد جلب خصيصاً ليخفف عنها وليرتل الأيات يخشع ويضحك ويبكي..لقد مضي به المصير إلي طرق بعيدة مع نساء أخريات وأولاد..
وبعد الشغف حل الوجع والتحامل والتقبل والتذكر ثم ذاب كل شئ واستقر علي الحدود..
كلاهما ليس بطامع إلا في حسن الختام.
ونظرات النسوة القريبات الصديقات تطوف حول وجهها البشوش السعيد فيسبحن الله ويحمدنه ويلقنها الكلمات..
طاردات خوفاً خفياً مثل هواجس العتمة .. وإنهن ليرين في العلامات بشائر خير لأخرة طيبة فكأنها حية تمضي من حياة إلي حياة فيبتهجن رغم الجلل ويطلبن المثل..
ويطيبها الجميع لذلك ويخففون عنها ٍ..إنهم حولها كما كانوا دائماً لن يفارقوها قد سلموا بالبداية الحتمية _ المباركة والنهاية_
مباركة هي لا شك في حياتها ومماتها وتوشك أن تصير في العرف ولياً يبني عليه وتشعل له القناديل والشموع وعيدان البخور لو لا أنها امرأة ومسموعاتها طيبة يثني عليها الجميع وتبتهج لها الوجوه وتوسع لها الأبواب وتترك لها رؤوس السدور ,, كريمة مكرمة..
وينتظرون أن يحدث الحادث المتوقع أو معجزة .. التوتر يرقب وحركة صامتان والكثير من التسبيح ويدخلون إلي البيت القديم ذي القبة مثني وثلاث قد إختلط الرجال بالنساء فيفسح المتقدم للمتأخر مكاناً أو ينسل إلي الخارج بعد وداع ولا ترد المحتضرة إنما ترفع اليدين عن صدرها مرحبتين دون صوت بضيوف آخرين غير عال للخالق ورسوله وترحب الجدة ثانية بضيوف الخفاء علي مسمع فتغور المياه في العيون .. إنه الإشفاق علي من يحبون عندما يري ما لا يرون أو يدرك ما لا يدركون أو يعبر دربه المحتوم..
وعندما تلقط نفسها الأخير وتهوي يداها وينسدل وجهها ويتهاوي بطنها.. ويرتخي قدماها تحت الغطاء يتبدل كل شئ تعلو الصرخات ويتراجع ذوي القربى والمحبون ويهرب من في قلبه ضعف أو ريبة يتبدلون ويبتعدون قد تقطعت الصلة وانطفأت المودة وطارت البركة وذابت الأخبار الطيبة....
وتكشفت الأحوال حتي عند أخر الواصلين الابن الذي رفض الدخول علي أمه..
كانوا جميعاً الإبن وابن الأخت الحبيب ورفيقات الصبا والحاضرون ......خائفين علي أنفسهم..!ٍ